الكثيرون حينما يقرأون عنوان هذا المقال سيشعرون أننا نتكلم عن شيء لم يعد موجودا.. أو إننا نتكلم عن شيء من الماضي..!!
لكن دعني أؤكد لك عزيزي القارئ أننا نتكلم علي شيء يجب أن تقتنيه بغض النظر عما إذا كان مَن هم حولك يقتنوه أم لا.. لماذا؟؟؟
دعنا أولا: نأخذ تعريف بسيط للقناعة: هو أن يكتفي الإنسان بما يكسبه أو يقتنيه طالما ما يكسبه ويقتنيه لم يأتي علي حساب علاقته بربنا وبذل أقصي ما يمكن بذله دون تراخي أو تقصير.
فالكثيرون حينما نسألهم اليوم عن القداسات والصلاة.. (أشياء نحن الذين نحتاجها وليس كما يظن الكثيرون أن الله هو الذي يحتاجها منا) نجد الإجابة أن العمل يأخذ كل وقته وطاقته.
– من فضلكم رتبوا أولوياتكم الأكثر أهمية ثم الأقل.. (قبل أن تتسرع في الإجابة) سأثبت لك أن القناعة في الماديات والطموح في الروحيات هو الأكثر فائدة وأهمية لك.. كإنسان مسيحي (ففي الأساس كل منا يجب أن يكون سفير للسماء وليس مواطن أرضي أصيل).
1- القناعة تضمن لك أن تشبع بالله:
فالنفس الشبعانة بربنا (لها قانون ونظام روحي) ترفض المساومات الكثيرة من العالم حول ما يجب فعله وما يجب الامتناع عنه. فلها علاقة حقيقية بربنا تحسم هذه الصراعات.
– وحقًا قال الكتاب (النفس الشبعانة (بالله) تدوس العسل (ملذات العالم) وللنفس الجائعة كل مر حلو” (أم27: 7)..
فهل إنسان له علاقة (حقيقة بربنا).. سيدخل مع أخوته في صراعات تقسيم الميراث.. أو يكون دائم النزاعات مع من حوله عن المال والمقتنيات، . أو سيكون بداخله صراعًا على يذهب للكنيسة أم يرتاح في يوم إجازته..؟؟
أعجبني احد القديسين حينما قال (إذا تهاونت بالأشياء الفانية تنال الأشياء الباقية، لا تنظر للأشياء التي تبلى بل إلى التي لا تبلى).
– لا يمكن أن نجد إنسان غارقا في العمل (لا يقرأ الإنجيل ولا يحضر قداسات..) ويكون الله في قلبه أو علي الأقل هل يستطيع تنفيذ هذه الآية (تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ) (لو 10: 27).
– لست أدعوك أن تترك عملك وتصير ناسكًا.. ولكن أدعوك أن يكون لك (وقفت صلاة ولقاء يومي مع للكتاب المقدس ولقاء مع المذبح أسبوعي) ثم انشغل كما شئت.. “حب الله وافعل ما تشاء”.. (القديس أغسطينوس).
2- القناعة ستجعلك تختبر مفهوم البركة في حياتك:
بركة الرب هي تغني ولا يزيد معها تعبًا” (أم 10: 22).
– دعني أخبرك عن شيئًا رائعًا حول البركة في حياتنا.. فالبركة لها معني مزدوج (أولًا: أن الله يعطيني من الخيرات – ثانيًا: يمنع عني الشر والمرض ويحافظ عما لدينا من ممتلكات وأسرة).
– فالبعض يعتقدون أن طالما الله لم يعطيه.. فإنه لا بركة في حياته.. لكن في الواقع طالما مازلت تتمتع بصحتك وبأسرتك وبالقليل الذي يجعلك تشبع ولا تحتاج لأحد.. فهذه أعظم بركة (من فضلك فكر في ذلك جيدًا..).
– فالبركة ليست مفهومًا نظريًّا.. بل شيء لا ندركه إلا بعد أن نجربه.
– خطوات بسيطة للبدء في تفعيل البركة في حياتنا:
أ- قدم العشور (لا تتواني أبدا في ذلك مهما كانت الظروف).. لتختبر هذه الآية (هاتوا جميع العشور.. وجربوني) (ملا 3: 10).
ب- احرص أن يكون لك قانونًا روحيًا (حسب الاتفاق مع أب الاعتراف).
(إلهنا إله نظام وليس إله تشويش) (1 كو 14: 33).
ج- تعود أن تشكر الله في كل شيء.. وثق أن الله يعطيك ما يتناسب مع مصلحتك وليس دائمًا ما يتناسب مع راحتك في الأرض.
3- القناعة ستجعلك تعيش في اطمئنان:
– أما الذين يريدون أن يكونوا أغنيًا فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك” (1تى6: 9).. نحن نتكلم عن الذين يضعون الغني كهدف له الأولوية الأولي في حياتهم قبل علاقتهم بالله.
– هذه نوعية من الناس نراها كثيرًا هذه الأيام.. لذلك أصبحنا نسمع عن الكثيرين الذين يرتفع دمهم ويصابون بجلطات وقد يموتون عند تعرض أعمالهم لمشاكل.. لأنهم أصبحوا لا يرون للحياة قيمة سوي من خلال مقتنياتهم..
– هنا يأتي سؤالا هامًا: هل هذه النوعية من الناس تضع الغني والمقتنيات وسيلة للعيش وخدمة الله؟؟ أم هدفا لا يرون غيره؟؟ (ليتنا لا نجمل الإجابات ولا نضع مبررات لها).
فالإجابة بسيطة جدًا (لأنه حيث يكون كنزكم هناك يكون قلبكم أيضًا) (لو 12: 34).
-في ختام هذا المقال أود أن أوجه نصيحة غالية جدًا للقارئ.. حاول أن تقرأ هذا المقال أكثر من مرة واجلس مع نفسك بأمانة.. واسأل نفسك بكل صراحة.. ماذا لو اختبرت حياة القناعة؟؟ ما الذي يمنعك أن تضع الله رقم واحد في حياتك؟؟ هل الشيطان أقنعك أن القناعة تتناقض مع نجاحك وطموحك؟؟ أم أن القناعة لغة البؤساء والغير سعداء؟؟
ستجد أن كثيرين حولك يعملون كل يومهم وسنوات عمرهم ولم يحققوا ما كانوا يحلمون بهم (فالبحر ليس بملآن).. وكثيرون آخرون يعيشون سعداء حقا (وناجحون أيضًا).. إذا أردت تعيش ناجحًا وسعيدًا.. جرب أن تعيش حياة القناعة.
– من فضلك جرب.