– من المسلم به أن تحريف العهد القديم بواسطة المسيحيين أمر مستحيل لأن اليهود يحفظونه حفظاً تاماً .
– كما أن العهد القديم قد ترجم بواسطة سبعين عالماً من علماء اليهود بأمر من (بطليموس فيلاديلفوس) وذلك إلى اللغة اليونانية سنة 285 ق.م، وسميت هذه الترجمة باسم الترجمة السبعينية، وانتشرت قبل مجىء السيد المسيح مما يجعل القول بأن المسيحيين حرفوه أمراً مستحيلاً .
1- التوافق التام بين العهد القديم والجديد. فلو كان هناك أدنى تحريف لكشف الواحد منهم الآخر لأن يوجد جمله شهيرة وهى ان العهد الجديد مخفى فى العهد القديم ( النبوات ) والعهد القديم معلن فى العهد الجديد ( تحقيق النبوات وهو السيد المسيح نفسه )
فمن هذا التوافق العجيب بين كل من العهدين يتضح أنه لو حدث تحريف فى أحدهما فلابد أن يكشفه الآخر .
2- لقد لاقى المسيحيون العذاب بسبب إيمانهم بحقائق كتابهم بالمسيح وبفدائه وسلطانه على القلوب والنفوس.. إن العقل يقبل أن يكذب الإنسان من أجل مصلحة خاصة أو للنجاة من مأزق خطير. ولكن الذى لا يقبله العقل هو أن يستمر الإنسان فى كذبه حتى الموت.. ولقد استشهد فى سبيل الإنجيل ملايين المسيحيين.. فهل يعقل أن هؤلاء الذين ضحوا بدمائهم يحرفون الإنجيل؟ .
3- رغم الاختلافات العقائدية بين الكنائس المسيحية. إلا أنها اتفقت واجتمعت على صحة الكتاب المقدس وعلى قانونية أسفاره التى بين أيدينا .
+ هناك من الهراطقة الذين جادلوا ضد الكنيسة،وابتدعوا الهرطقات:
مثال: 1) أريوس ضد البابا ألكسندروس منذ سنة 313م.
2) الحوار الذى دار بين القديس أثناسيوس الرسولى وبين أريوس فى أوائل القرن الرابع الميلادى. فأريوس كان ينكر ألوهية السيد المسيح، والقديس أثناسيوس كان يدافع عن لاهوت السيد المسيح.
+فلم يحدث إطلاقاً أن قال أريوس للبابا ألكسندروس أو للقديس أثناسيوس إن الآيات التى قمتما باستخدامها لإثبات ألوهية السيد المسيح ليس لها وجود فى الكتاب المقدس، لم يستطع إنكار أية آية استخدمها البابا ألكسندروس أو القديس أثناسيوس لإثبات لاهوت السيد المسيح لكنه كان يحاول إثبات هرطقته بالتحوير فى تفسير الآيات أو استخدام آيات أخرى يسئ هو فهمها وتفسيرها. كما أن الآباء أيضاً لم يحذفوا الآيات التى استخدمها أريوس أو الهراطقة والتى أساءوا فهمها مثل: “«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.” (مر 32:13) مجرد حرف وكلمة “ولا الابن” لكن تركتهم الكنيسة.. وأيضاً “سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلْتُ لَكُمْ: أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ لأَنِّي قُلْتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ، لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي.” (يو 28:14) نقولها يومياً فى إنجيل الساعة الثالثة بصلوات الأجبية ولا يهمنا كلام الهراطقة وسوء فهمهم للآيات لأننا واثقين أن الكتاب المقدس بأكمله يثبت لاهوت السيد المسيح ووحدانية الثالوث القدوس.. فإن كنا فعلاً قد حرّفنا الكتاب كما يدّعى المسيئون ضد الكتاب، فلماذا لم نحذف كلمة “ولا الابن”؟
4- كرازة التلاميذ بإله متجسد.. مولود من عذراء – مصلوب بين لصين.. قائم من الأموات صاعد إلى السموات أمر صعب ولكنهم احتملوا المشقات لأنه لم يكن باستطاعتهم أن يبشروا إلا بما شاهـــدوه. ولو كانوا يريدون التحريف لكانوا قد حذفوا الأمور التى تجعل من بشارتهم أمراً صعباً وتؤدى بهم إلى الاستشهاد وَلكِنَّنَا نَحْنُ نَكْرِزُ بِالْمَسِيحِ مَصْلُوبًا: لِلْيَهُودِ عَثْرَةً، وَلِلْيُونَانِيِّينَ جَهَالَةً! ( 1كو 1 : 23 )
5- رغم أن رسل رب المجد البسطاء (صيادى السمك.. الخ) لم يكن لهم لسان الفلاسفة أو عقول العلماء إلا أن كلماتهم كانت أعظم من فكر المفكرين وأقوى من سيوف الرومان، لأنها كانت من الروح القدس. ورغم أن كلماتهم كانت ضد الميول البشرية حيث حرم الإنجيل تعدد الزوجات وحث على البتولية وحذر من محبة المال والعالم والنظرة الشريرة إلا أن التلاميذ استمروا يكرزون بهذه التعاليم الصعبة لجسدانيين دون أن يحذفوا منها حرفاً واحداً .
6- لم يعتمد الرسل فى دعواهم على أى إغراءات ولا استعملوا القوة ليرغموا أحداً بل إن السيد المسيح قال : “ اِذْهَبُوا! هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ. ” (لو 10 :3) ورغم هذا فإن الرسل قد بشروا أكبر دولة عسكرية فى العالم حينئذ(الرومان).. وأكبر دولة فلسفية فى العالم (اليونان).. لقد لاقوا العذاب والاضطهاد ولكنهم صمدوا ولم يتنازلوا عن حرف واحد .
7- لقد كتبت الأناجيل فى مناطق متفرقة وكتب منها آلاف الآلاف من النسخ.. فهل يعقل أن يتم جمع هذه النسخ جميعها من أنحاء العالم وتحرق لتنشر بعد ذلك النسخ المحرفة..لو كان الإنجيل فى حيازة دولة واحدة أو كان قد كتب بلغة واحدة لكان القول بالتحريف هيناً ومقبولا نسبياً .
8- كان عصر كتابة الإنجيل عصر علم ومعرفة وليس عصر جهل، وكانت الكتابة منتشرة، لذلك كان من الصعب أن يقبل العقل أن بعض أجزاء من الإنجيل تسقط لأن هذا أمر مستحيل، فلو سقط جزء من أحد الأناجيل فكيف يسقط من الأناجيل الثلاثة الأخرى؟. وإن سقط من الأربعة فكيف يسقط من الأربعين الذين كتبوا العهد القديم حيث أن الكتاب المقدس بعهديه وحدة واحدة متناسقة؟ .
9- كما تعهد الرب كتابه فى العهد القديم بالحماية والصون فإنه أيضاً تعهده فى العهد الجديد بالحفظ والأمان.. لقد قال “السماء والأرض تزولان ولكن كلامى لا يزول” (مت 24: 35).. وكذلك قوله ” قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ. كَلاَمُكَ هُوَ حَقٌ.”(يو 17: 17) ويكفى أن نعيد ما ذكرناه آنفاً وهو ما جاء فى ختام العهد الجديد
” لانى أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات المكتوبة فى هذا الكتاب وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة ومن المدينة المقدسة ومن المكتوب فى هذا الكتاب”(رؤ 22: 18-19) .
مما يؤكد صحة العهدين القديم والجديد معا أن السيد المسيح له المجد ورسله وكتبة العهد الجديد قد استشهدوا فى مواضع عديدة بآيات مما جاء فى العهد القديم .
10- وقعت حادثة دونها الكتاب المقدس تؤكد صحته وسلامته وخلوه من التحريف حتى الغير مقصود نتيجة الترجمة. فعندما عهد بطليموس فلاديلفوس عام 285 ق.م إلى سبعين شيخ بترجمة العهد القديم إلى اللغة اليونانية كان من بين هؤلاء الشيوخ شخص يدعى سمعان الشيخ الذى توقف عند قول إشعياء النبى “ها العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل” فأراد أن يعدل فى الترجمة بحيث تصبح “ها الفتاه تحبل وتلد ابناً..” ولم يطاوعه القلم ثم ظهر له ملاك الرب وقال له: “ها أنت تعيش إلى أن تحبل العذراء وتلد ابناً وتراه بعينى رأسك..” لذلك امتد العمر بسمعان الشيخ وتحققت النبوة وحمل سمعان على ذراعيه الطفل يسوع المسيح فى الهيكل وصلى قائلاً “الآن يا سيدى تطلق عبدك بسلام حسب قولك لأن عينى قد أبصرتا خلاصك..” هذه الحادثة تؤكد مما لا يدع مجالاً للشك أن أحدا لا يقدر أن يحرف أو يزيد أو ينقص أو يبدل فى حرف من حروف كلمات الله القدوس .
و بأختصار فلنناقش افتراضات من المسئول عن تحريف الكتاب المقدس :
+ الافتراض الاول :اليهود قاموا بتحريف التوراة
وللرد نقول: لو ان اليهود كانوا قد قاموا بتحريف كتابهم كان كشف هذا التحريف ببساطة متناهية لان المسيحيين كان ولا يزال لديهم نسخ من كتاب اليهود نفسه وما كان المسيحين ان يسمحوا لليهود ان يقوموا بتحريف حرف واحد من كلمات الكتاب المقدس الذي يحفظونه ويعرفونه كما يعرفون ابناءهم
الافتراض الثاني: المسيحيون هم الذين قاموا بتحريف الكتاب المقدس:
وللرد نقول : وكما قلنا في الرد على الافتراض الاول : فما كان لليهود ان يسمحوا المسيحين ان يقوموا بتحريف حرف واحد من كلمات الكتاب المقدس الذي يحفظونه ويعرفونه كما يعرفون ابناءهم
الافتراض الثالث: اليهود اتفقوا مع المسيحيين على تحريف الكتابين معا الانجيل والتوراة:
وللرد نقول : اذا كان حدث اتفاق بين المسيحيين واليهود على التحريف لتحتم عليهم الاتفاق في قضية المسيح التي هي محور الكتابين التوراة والانجيل وحيث انه لا يوجد اتفاق حول قضية المسيح فمعني ذلك انه لم يتم اتفاق على تحريف الكتاب المقدس.
رابعا :بالاضافة الي ذلك نقول : من ياتري في مذاهب المسيحيين قام بالتحريف.
فالمسيحية منذ القرن الرابع الميلادي اي قيل ظهور الاسلام بثلاثة قرون قد انشقت الي مذاهب فكان هناك شيع مثل الارثوذوكس والكاثوليك وبدع اخري كالاريوسيين والنسطوريين وغيرهم . فمن ياتري منهم قام بالتحريف؟ وهل سيصمت الباقي امام من قام بالتحريف ام سيقوموا بمهاجمته على الملا؟ . ولان الجميع لديه نسخة واحدة هي التي في ايدي كل المذاهب فهل اتفق الفرقاء على التحريف دون ان يتفقوا على ما بينهم من اختلافات؟ هل من منطق او عاقل يقول بذلك ؟
في اي لغة تم التحريف؟
من المعروف ان الكتاب المقدس قد كتب بالعبرية والارامية واليونانية وترجم الي لغات عديدة منذ ظهور المسيحية : الي اللاتينية والسريانية والاشورية والاثيوبية وغيرها . ففي اي لغة من هذه اللغات يوجد تحريف الكتاب المقدس؟
ان الواقع الفعلي الان هو ان الكتاب المقدس في كل هذه اللغات واحد ولا توجد اختلافات فيه بين كل هذه اللغات. اليس ذلك دليلا على ان الكتاب المقدس لم يصبه اي تحريف لا من قريب ولا من بعيد؟