– هو ما سرَّ وسمح الله أن يكشفه للبشر من أسرار كانت تخفى عليهم، تتعلق بشخصه وطبيعته ومقاصده على مدى التاريخ البشري.
– الإعلان الإلهي ضرورة، إذ أن الله غير المحدود، لا يمكن إدراكه بواسطة العقل البشري المحدود، فالعقل يدل علي الله ووجوده، لكن لا يمكن أن يعرف طبيعة الله،
قال صوفر النعماتي لأيوب: ” أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي. هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ. أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ فَمَاذَا تَدْرِي ” (أي11 : 7 – 8).
أ – الإعلان العام الطبيعي:
وهو مُتاح لجميع البشر في كل زمان ومكان.
أولا: فالله يعلن ذاته للبشر من خلال الطبيعة وعالم الإنسان.
ـــ ” اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ” (مز19: 1).
– ” إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ. لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُــمْ بِلاَ عُذْرٍ” (رو 1: 19، 20).
فأمور الله غير المنظورة يستطيع أن يقرأها الإنسان من خلال المصنوعات، أي الخليقة التي تجلّت فيها قدرة الله السرمدية وعظمة لاهوته، حتى صار الإنسان الذي ينكر وجود الله لا عذر له.
ثانيا: الله يعلن عن ذاته أيضًا من خلال أحداث التاريخ، فالله هو العامل في التاريخ، هو الذي يقيم الممالك وينهيها :
– وَهُوَ يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالأَزْمِنَةَ. يَعْزِلُ مُلُوكًا وَيُنَصِّبُ مُلُوكًا. يُعْطِي الْحُكَمَاءَ حِكْمَةً، وَيُعَلِّمُ الْعَارِفِينَ فَهْمًا.” ( دا 2: 21).
” لِكَيْ تَعْلَمَ الأَحْيَاءُ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ، فَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ، وَيُنَصِّبَ عَلَيْهَا أَدْنَى النَّاسِ.” ( دا 4 : 17 ).
ب – الإعلان الخاص فوق الطبيعة :
يوجد منه نوعان:
أولا: شفاهي:
– تعامل الله مع آدم وأظهر له ذاته وأعلن له عن طبيعته على قدر ما تحتمل طبيعته البشرية، ولا سيما في الفترة قبل السقوط، فدعاه الله لتسمية الحيوانات، وجبل له حواء من ضلع منه (تك 2)، وكان الحديث بين آدم وإلهه يسري بلا عائق ولا مانع.
– تعامل الله مع الإنسان خلال الفترة من آدم إلى موسى النبي حسب احتمال طبيعتنا البشرية.
ثانيا: إعلان مكتوب عن طريق الوحي الإلهي:
– الإعلان المكتوب فبدأ من موسى النبي، حيث أعلن الله ذاته له وأعطاه الوصايا العشر مكتوبة على لوحي العهد، وأمره بأن يكتب وصايا الناموس.
– كتب موسى الأسفار الخمس الأولى من العهد القديم، وتوالت كتابة الأسفار المقدسة.
+قال أحدهم عن إعلانات العهد الجديد:
1– هي أمور مختبئة عن الإنسان (التجسد – الفداء – مجيء المسيح ثانية.. إلخ)، ويظهرها الله لنا عن طريق “لفظ” أو ” رؤيا”، في الإطار الذي يحتمله عقلنا البشري ولغتنا المحدودة.
2– الإعلان هو كشف الله عن “فِكْرِه ” للإنسان، وفِكْر أسمى من أي فهم إنسان ومن جميع توقعاته.
3– الإعلان هو إعلان الله عن “ذاته” وذلك في الكلمة، والمسيح الكلمة هو محور تلك الإعلانات، وبدونه لا يصل أحد إلي المغزي من الإعلانات وهو معرفة الله.
4- إعلانات العهد الجديد لا تتساوي مع محاولات الإنسان للفهم ولا تعتمد على ذكائه.
نستنتج أمرا هاما:
1– الإعلان الإلهي هو كل ما أعلنه الله للإنسان، بينما الوحي الإلهي هو الإعلان المدوَّن في الأسفار المقدَّسة.
2- الإعلان هو مصدر الوحي الإلهي:
+ ” وَأُعَرِّفُكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ الإِنْجِيلَ الَّذِي بَشَّرْتُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَسَبِ إِنْسَانٍ. لأَنِّي لَمْ أَقْبَلْهُ مِنْ عِنْدِ إِنْسَانٍ وَلاَ عُلِّمْتُهُ. بَلْ بِإِعْلاَنِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ” (غل 1 : 11 – 12).
+وتحدث بولس الرسول عن إعلان الله له عن قبول الأمم: ” أَنَّهُ بِإِعْلاَنٍ عَرَّفَنِي بِالسِّرِّ.. كَمَا قَدْ أُعْلِنَ الآنَ لِرُسُلِـهِ الْقِدِّيسِينَ وَأَنْبِيَائِهِ بِالرُّوحِ” (أف 3 : 3، 5).