– من ضمن الأمور التي يستخدمها بعض المشككيين في الكتاب المقدس هو أن الكتاب المقدس يذكر إصحاحات تتضمن خطايا الأنبياء مثل: زنا داود ( 2 صم 11 ) – سكر نوح ( تك 9 ) – هارون يصنع عجلا ( خر 32 ).
بينما يري هؤلاء المشككين أن والأنبياء معصومون من الخطأ أو الخطية.
– لذا سنجيب عن هذا التشكيك من خلال توضيح أسباب ذكر الكتاب المقدس لخطايا وأخطاء الأنبياء وبعض الشخصيات التي تكلم عنها الكتاب المقدس:
+الله لا يدعوا المؤهلين…بل يؤهل المدعويين …!
الكتاب المقدس ذكر خطايا الأنبياء أو بعض الشخصيات التي به لعدة أسباب:
1- لم يخفي الكتاب المقدس أو يبرر أو يزين ضعف مؤمنيه مثل ( إبراهيم أو إسحق أو موسي أو داود وغيرهم .
+ فالكتاب المقدس يوضح أن الإنسان أصابه الضعف:
” 12 الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. ” ( رو 3 : 12 )
+ الكتاب المقدس لم يكتب لتمجيد البشر، فكتبة الوحي بالرغم من أنهم يهود، إلا أنهم لم يجملوا الأحداث ولا وضعوا هالة من عصمة الخطأ حول شخصيات الكتاب المقدس.
+ ذكر الكتاب المقدس لأخطاء الأنبياء والشخصيات التي جاء ذكرها فيه هو أحد أدلة صحته وليس تحريف أو تزوير.
+ الوحيد الذي كان بلا خطية هو السيد المسيح: ” بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ. ” ( عب 4 : 15)
2- ذكر الكتاب المقدس خطايا وسقطات الأنبياء جاء بهدف توضيح أن هذه الضعفات كان لها تأثير كبير علي حياتهم وقراراتهم.
– فالخطية شوهت حياة الإنسان، لذا فالكتاب المقدس أوضح ذلك عن طريق قصص لأشخاص حقيقيين وليس من خلال وعظ نظري أو نصائح جوفاء.
+ لاحظوا أن الكتاب المقدس يوضح قصة حياة الله مع الإنسان ( بضعفاته وقوته، بره وخطاياه …)
– الله لا يتساهل مع الخطية، لا يجامل، بل أن الخطية تمنع الإنسان من التمتع بالبركات
++ وأيضاً عدم تغاضي الرب عن الشر أو الإهمال مع أي شخص وتحت أي ظروف.
مثال: عاقب الله موسي وداود وغيرهم من الأنبياء العظماء، فيوضح الكتاب المقدس أن الخطية مرفوضة بصورة قاطعة: “…الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدًّا بِالْوَصِيَّةِ.” (رو 7: 13).
3- الكتاب المقدس يعلمنا ألا نثق في هذا الجسد، ولا في العمر، فالإنسان يجب أن يظل مجاهدا ضد الخطية طوال العمر :
“بَلْ أَقْمَعُ جَسَدِي وَأَسْتَعْبِدُهُ، حَتَّى بَعْدَ مَا كَرَزْتُ لِلآخَرِينَ لاَ أَصِيرُ أَنَا نَفْسِي مَرْفُوضًا.” (1 كو 9: 27).
4- أن لنا رجاء مهما كانت ضعفاتنا ، بشرط أن نرجع إلي الله.
+ ذكر خطية شاول الطرسوسي أعطي أمل ونموزج لكل فاسد وخاطئ لكي يصبح بولس وليس شاول الطرسوسي.
– وما أجمل قول يوحنا الحبيب الذي يصف ضعف بشريتنا قائلًا ” أن قلنا أننا لم نخطئ نجعله كاذبًا وكلمته ليست فينا” (1 يو 1: 10).
– فذكر هذه القصص والأمثلة مثل الإبن الضال وغيرها تكشف لنا محبة الله لنا وغفران الله الرائع للإنسان فالخطية تمحي وتعود العلاقة من جديد مع الله.
– فكما ذكر الكتاب المقدس خطايا الأنبياء ، والشخصيات التي به، ذكر أيضا توبتهم ، قبول الله لهم.
5– عندما يذكر الكتاب المقدس أخطاء الأنبياء فإنه لا يمجد الخطية، ولا يضعها في إطار التبريرات ، بل بالعكس
– يظهر الكتاب المقدس مرارة الخطية وبشاعتها ، رفض الله لها.
6- عندما يخطيء النبي فالعيب هنا ليس في الكتاب المقدس ، لكن في الأشخاص
– هذا لا يقلل من قيمة العمل النبوي للنبي ، فالنبوة عمل إلهي بإقتدار ، الأنبياء كتبوها ونقلوها من الله للناس.
– الكتاب المقدس ليس مسئولًا عن أخطاء الناس، فهو مثل الجراح الذي يكشف الورم ويستأصله دون أن يكون له ذنب ولا تقع عليه المسئولية في وجود هذا الورم أصلًا.
7- نتذكر رحمة الله وأن الله يختار الضعفاء ليخزي بهم الحكماء و اختار الله أدنياء العالم و المزدرى و غير الموجود ليبطل الموجود بحسب (1كو 1 : 26- 31).
فذكر خطايا الأنبياء تعلمنا ألا ندين أحد، بل ندين الخطية فقط، وندين أنفسنا، فمن ندينه علي خطاياه التي نراها ، قد يتوب عنها، فباب التوبة مفتوح للجميع.
في النهاية : مفهوم عصمة الأنبياء في المسيحية لا تشير إلي العصمة في حياته الشخصية .
+ فالأنبياء كانوا أشخاصا عاديين ، لكنهم كانوا أكثر استعداد للعمل مع الله وتبليغ رسالته
+ فإرميا ارتضي أن يعيش بتولا
+ إشعيا قبل أن يمشي حافي ومعري
+ هوشع أرتضي أن يتزوج امرأة زني
– فالعصمة هنا تخص عصمة النبي أثناء تسجيله الرسالة النبوية ، ليكتب نصا خاليا من الأخطاء اللاهوتية ، التاريخية ، الجغرافية ، الأدبية وغيرها، وكذلك يعصمه الروح القدس من الذلل والنسيان.