كثيرًا ما نسأل أنفسنا: هل الله راضٍ عن الأعمال التي نقوم بها؟ وهل هذه الأعمال تكفي لدخول السماء؟
وكيف سيحسبها الله؟؟ هل بعددها ام بكميتها أم حسب نياتنا؟؟ أم بصورة عشوائية؟
هل الأعمال الحسنة تغفر وتمحو الأعمال السيئة؟
ما هو موقف الوثنيين. فالبعض منهم أعماله ممتازة وسلوكه راقٍ جدا؟؟ ماذا سيكون مصيره؟؟.. والكثير من الأسئلة التي تأتي في أذهاننا..
+ في البداية دعونا نقرأ هذا المثال لتوضيح الفكرة:
ذا كان هناك شخص ثري جدًا ويعمل أعمال صالحة كثيرة جدًا.. يبني مستشفيات وملاجئ ويرصف الشوارع ويعمر قري وأستمر في عمل الخير علي مدار سنوات كثيرة جدًا وفي أحد المرات اختلف هذا الشخص مع أحد الأشخاص وقام بقتله.
هل القانون في هذه الحالة يسامح الشخص الثري لأنه صنع أعمالا صالحة؟.. بالطبع لا. هذا رأي كل حكومات العالم بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها، والقانون المتبع سيطبق مبدأ العقاب علي هذا الشخص مهما كان حجمه أو وضعه.
– هذا يعني أن الأعمال الصالحة وحدها فقط لا تكفي لإنقاذ هذا الشخص من العقاب وحتى إذا خُفف العقاب علي الشخص. فحتما سيبقي هناك عقاب.
وبالرغم من منطقية الإجابة من وجهة نظر القانون.. فاننا نجد بعض المعتقدات الأخري غير المسيحية تُنادي بأن الأعمال الصالحة وحدها تكفي أن تكفر عن خطايا الإنسان وتمحيها.
– دعونا نبدأ القصة من البداية كي تتضح الإجابة علي السؤال؟ كيف يحاسبنا الله؟
عندما أخطأ أبوينا (آدم وحواء) وقاما بعصيان الله في جنة عدن. وقع الإنسان في مشكلة كبيرة جدًا تتمثل هذه المشكلة في ثلاث معضلات:
1- المعضلة الأولي: بدأ يبحث الإنسان عن قوي عليا تحرس الكون وتخلص الإنسان من شر الأحداث والقوي المضادة التي تواجه الإنسان. لكن هذه القوي لابد وأن تكون غير محدودة في كل شيء.
2- المعضلة الثانية: بدأ يكون هناك خطية وشر وفساد في الأرض وفسدت طبيعة الإنسان.
3- المعضلة الثالثة: أصبح هناك موت ينهي حياة الإنسان ويصبح الإنسان في خبر كان.
وأصبح من الواجب كي يستعيد الإنسان حياته في السماء وشركته مع الله وصورته (التي شوهتها الخطية) مرة أخري أن يجد حلا لهذه المعضلات الثلاثة.
– سنقدم في هذا المقال بإيجاز شديد جدا كيف استطاعت المسيحية (المسيح المخلص) أن تقدم حلا لهذه المعضلات الجسيمة.
أولًا: حل معضلة القوي العليا:
– فمنذ خلقة العالم.. أعلن الله ذاته للإنسان بصورة متدرجة:
أ) بالنسبة للأمم: فالكتاب المقدس مليء بالشخصيات والأحداث التي تؤكد ذلك:
مثال: أيوب (الذي تكلم عنه للكتاب المقدس من خلال سفر كامل ليوضح لنا الروح القدس كيف يتعامل الله مع الأمم).
راحاب الزانية (والتي أصبحت من جدات المسيح).. شعب نينوي (الذي اهتم الله بخلاصه وأرسل له اثنان من أنبيائه: يونان وناحوم).
– والكثير من القصص التي تؤكد أن الله لم يكن متحيزا لشعب بني إسرائيل كما يدعي البعض (المشككين في للكتاب المقدس).
ب) بالنسبة لليهود: تعامل الله معهم بكل الصور وعبر كل مراحلهم بدءا من مرحلة (ما قبل الشريعة ثم عصر الشريعة).. ثم (السبي والعودة منه بعد تأديبهم)
وعندما أعلن الله نفسه لموسى النبي قال له «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ». وَقَالَ: «هكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إسرائيل: أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ».
أي الكائن الأبدي والأزلي.. وهو الكائن وحده الذي بجانبه الكل كأنه غير موجود.. (إعلان صريح جدا لايقبل أي تشكيك عن أن إله واحد موجود وهو أعظم كائن في الوجود)..
فالله أعلن عن نفسه أنه: اِسْمَعْ يَا إسرائيل: الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. ” (تث 6: 4).. أي إله لا يقبل شريك له
– فلا المسيحية ولا اليهودية يؤمنون بتعدد الإلهة.. فإلهنا إله واحد.
وحينما جاء السيد المسيح (له المجد) وتجسد بدأت مرحلة جديدة ومهمة في حياة الإنسان.. إذ دخل الإنسان في شركة مع الله.
(اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أيضًا عَمِلَ الْعَالَمِينَ) (عب 1: 1- 2)
ولكن في الواقع وبالرغم من الحقيقة الساطعة عن وجود الله..
لم يتوقف الشيطان من أن يضل الكثير وذهب الناس وراء قوي أخري في الكون مثل العبادات الوثنية بمختلف أنواعها. والبعض أصبح إلهه هو عقله ومنطقه وعلمه وذاته..
وكأن اعترافهم بالله سوف ينافسهم أو يهددهم أو علي الأقل سوف يفضح خطيتهم.
ومن هنا جاء الإلحاد: إذ أنهم أنكروا وجود الله في الأساس (ليظل يبحث الملحد عن القوي العظمي.. وللأسف دون جدوي).
– فالقارئ الأمين للكتاب المقدس يدرك أن الله لم يترك الإنسان فريسة للظروف أو للصدفة.. بل تعامل معه وأعلن عن نفسه ليقدم له إجابة هذه المعضلة وأظهر أن قوي الطبيعة (القمر والشمس والنار.. ) ولا الحيوانات (البقر والطيور.. ) لا يمكن تكون هي القوي العظمي التي يبحث عنها الإنسان.
فالله وحده هو الحل لتلك المعضلة.